 |
غلاف جريدة التايم البريطانية |
|
قبل أن نبداء ونقول بسم الله علىِ أولاً أن اتحدث عن بعض الحقائق
أولها : أن هذا المقال هو من أطول ما كتبت علي النت ،لم استطع أن اختصر أكثر من ذلك ، كما انة محاولة للفهم ليس إلا ، فهو مجموعة من الاستنتاجات لما يحدث ،مجموعة من الافكار قد تكون صحيحة وقد تكون خاطئة .
ثانيا : الثوار هم مجموعة من المواطنين "غير منظمين يتصرفون بطريقة عشوائية " قوات الأمن أو أفراد القوات المسلحة "هم مجموعة من الافراد المنظمة لها قائد تتحرك عن طريق الاوامر " .
ثالثا : المجلس الأعلي للقوات المسلحة هم مجموعة من القادة يتمتعون بقدر مقبول من الذكاء "علي عكس ما يظن البعض " .
رابعاً : المجلس الأعلي للقوات المسلحة يملك أجهزة استخباراتية - تملكها الدولة بالطبع - علي قدر كبير من الحرفية بالاضافة الى جميع اجهزة الدول ، فى الجهة المقابلة ثوار لا يملكون شئ .
خامساً : عندما تتخذ نمط معين في التفكير وطريقة واحدة في التنفيذ ، ثق تماماً أن منافسك سيعرف خطواتك وافكارك وخططتك المستقبلية وسيحاول اجهاضها .
سادساً : الطريقة التي نجحت عن طريقها بالسابق ليس بالضرورة أن نفذتها مرة ثانية أن تحصل علي نفس النتيجة .
سابعاً : نسبة ليست بالقليلة من الشعب تعتمد علي الحصول على الأخبار والحقائق علي التلفزيون وبعضهم يعتمد على الاعلام الرسمي .
ثامناً: نسبة كبيرة من الشعب كان يظن أنة في خلال ايام من تنحي مبارك سيجني ثمرة الثورة " ارتفاع مستوي المعيشة ، القضاء علي البطالة ، إلخ........" .
أخيراً الكثير من الثوار يظن أن من في الجهة المقابلة هم مجموعة من الاغبياء وانه بمنتهى السهولة يستطيع القضاء عليهم كما يظن أن الحركة الميدانية وحدها تستطيع أن تحقق كل المكاسب
حاولت أن اسرد مجموعة من الحقائق التي يعرفها الجميع ، ولكن احيانا لا يود ذكرها أو مع ضبابية المشهد لا يحاول وضعها مع بعضها حتي يري الصورة مكتملة .
لنبداء من يوم 19 نوفمبر بداية أحداث محمد محمود
(1)
قبل جمعة 18 نوفمبر- اعتذر لانني لا اتذكر اسماء ايام الجمعة - كان مجموعة من مصابي الثورة واهالي الشهداء معتصمين داخل الحديقة امام مبني مجمع التحرير وكان اعتصامهم قد سبق جمعة 18 نوفمبر بأكثر من اسبوع ، لا يعطلون حركة المرور، الجميع يعلم مطالبهم ولكن لم يحاول أحد من المسئولين ان يتواصل معهم ، سبقت هذه الجمعة جدلاً واسع سمي وقتها بوثيقة السلمي ، وكان الجدل علي اشدة بسبب بعض بنود الوثيقة التي تعطي للعسكري جملة من الصلاحيات التي تضعة فوق المسائلة ، وهذا السبب هو ماجعل معظم الفصائل السياسية تدعوا للخروج يوم 18 نوفمبر ، ليس لرفضهم لما وصفوة بوثيقة السلمي فحسب ، بل لتحديد جدول زمني واضح لنقل السلطة .
كانت التيارات الاسلامية متواجدة بشكل ملحوظ وبعضهم كان اعلن نيتة للاعتصام ، وفي مساء يوم الجمعة 18 نوفمبر وفي حوالي الساعة العاشرة مساءاً صعد الشيخ حازم صلاح ابو اسماعيل المرشح المحتمل للرئاسة ووجهه خطاب لجمهور المتواجدين في الميدان يشكرهم علي التواجد ويطلب منهم منح فرصة للعسكري لتسليم السلطة في 30 ابريل وبعد سخط العض بعد خطاب الشيخ حازم فكان البعض يريد الاعتصام حتى رحيل العسكرى فقد رد عليهم الشيخ حازم ان من يريد ان يعتصم فله ذلكفقد انضم ممجموعة من المتظاهرين إلي اهالي الشهداء والمصابين في اعتصامهم .
ظل مجموعة من الثوار داخل الميدان مصرين علي الاعتصام ، وفي الساعة السابعة صباحاً من يوم 19 نوفمبر كان العدد لا يتعدي مائتي شخص ، وقد فوجوا بعدد كبير من قوات الأمن المركزي تقوم بضربهم وسحلهم بمنتهي القوي دون حتي التفاوض معهم علي فض الاعتصام ، ومن ثم بداءت منذ هذه اللحظة وعلي مدار خمس ايام كاملة حرب شوارع ، ادارتها قوات الأمن ضد المتظاهرين سقط فيها من سقط وجرح فيها من جرح ، ومع كل هذه الجرائم التي ارتكبتها قوات الامن والسلطة الحاكمة ، أولا من فض الاعتصام بالقوة وهو حق دستورى يكفلة الاعلان الدستوري ، بالاضافة إلي ضرب المعتصمين بقنابل غاز محرمة دولياً ، وضرب أكثر من مستشفي ميداني مما يدل علي أن ما حدث ما هو إلا معركة مدبرة ، وبعد إستمرار المعركة من يوم السبت وحتي يوم الخميس ، أمر المجلس العسكري ببناء سياج خرساني ليكون حائط صد بين الثوار وبين قوات الامن ، ولكن افدح الجرائم التي ارتكبت اثناء هذه الأحداث هو استخدام الاعلام بشكل محرض ومخالف لكل المعايير المهنية في نقل الحقيقة ، كما صدر للجميع أن من في ميدان التحرير يريدون اقتحام مبني وزارة الداخلية من خلال شارع محمد محمود ، علي الرغم من أن هذا الشارع لا يؤدى إلي مبنى وزارة الداخلية ، ولكن المفاجاة التي كانت مدوية هو ما قالة الدكتور عمرو حلمي وزير الصحة السابق في حكومة شرف عن أن رئيس الوزراء ووزير الداخلية لم يكونوا علي علم بفض الاعتصام
(2)
بعد كل ماحدث داخل شارع محمد محمود من جرائم ، قام الدكتور عصام شرف بتقديم إستقالتة ، هذا بعد مطالبة الجميع بذلك ،وقد طالب الميدان وقتها بحكومة انقاذ وطني برئاسة الدكتور البرادعي وتعين الدكتور محمد ابو الفتوح والدكتور حسام عيسي نائبان له ، إلا أن المجلس العسكري قد كلف الدكتور الجنزوري بتشكل الحكومة مما اثار سخط مجموعة من المواطنين ، كما أن بعضهم قرار الاعتصام داخل ميدان التحرير اعتراضاً علي قرار المجلس العسكري بتعين الجنزوري، وقد ظل الاعتصام عددة ايام داخل الميدان ،ونظراً لقلة عدد المعتصمين ومطالبة الجميع بفتح الميدان قرار المعتصمين نقل اعتصامهم إلي مجلس الوزراء ، وظل الاعتصام أكثر من اسبوع هادئ إلي أن حدثت موقعة الحواشي ،التي ادت إلي تسمم العشرات نتيجة لوجبة حواشي مجهولة ، بعدها بأيام قليلة بداءت المناوشات والاشتباكات بين القوات المتواجدة لتأمين مجلس الوزراء وبين المعتصمين أثر ضرب أحد المعتصمين من قبل قوات التأمين مما ادي لحركة اشتباكات مؤسعة استمرت عددة ايام .
(3)
بداءت الأحداث في شارع محمد محمود يوم 19 نوفمبر واستمرت لمدة اسبوع ، وبداءت المرحلة الأولي من الإنتخابات يوم 28 نوفمبر، مما كان يجعل الشكوك تتزايد بشأن إجراء الإنتخابات في ظل الأحداث المتسارعة ، ونتيجة الأحداث وأثنائها قام مجموعة من المرشحين "المنتمين للميدان " بتعليق ووقف حملاتهم الإنتخابية بسبب الاحداث ، كما إتخذ بعضهم قرار بإنسحابة من الانتخابات بسبب ما يحدث في ميادين مصر وقتها ، في المقابل استمر حزب الحرية والعدالة وحزب النور في حملاتهم الإنتخابية وحث جمهور الناخبين علي الإشتراك في الإنتخابات البرلمانية وتأكيدهم أن الانتخابات ستجري في موعدها ولا بديل عن تأجيل الانتخابات ، قرر الكثير من المتواجدين في الميدان و المتعاطفين معهم بمقاطعتة الإنتخابات ، وبعضهم قرر ان يبطل صوتة إحتجاجاً علي ما يحدث ، واحتجاجاً علي المرشحين ، مما قلل فرصة وجود الشباب المنتمين للميدان داخل البرلمان أو أن يكون لهم مرشح يعبر عن وجهة نظرهم ، والنتيجة سيطرتة قوي سياسية بعيدة كل البعد عن الشباب الثوري ، وبالتالي لن يكون لهؤلاء تواجد وصوت مسموع بشكل كبير فور انعقاد البرلمان ومن ثم زيادة شرعية النواب وقلة شرعية الميدان ، وهنا نكون قد نجحنا في تهميش من في الميدان وسحب الشرعية منهم بشكل مقنن .
(4)
بعد إندلاع الثورة بأيام ، حدث إنفجار في عدد القنوات الفضائية المصرية دون أن نعرف من وراء كل هذه القنوات، كما أن بعضها قام يتوظيف مجموعة من الاعلاميين الذين حاولوا قتل وطعن الثورة في بدايتها ولم يفلحوا ، كنا ظننا أن هؤلاء ذهبوا للابد ولكن المفارقة أن هؤلاء وقنواتهم وفقط أحيانا يكونوا الوحيدين الذين يملكون البث المباشرلما يحدث في الميادين .
الم نفكر لماذا هذا يحدث ، فض الاعتصام وبداية ، الاشتباكات وتوقيتاتها يحتاجها الاعلام وبشكل اساسى على نشر اكاذيبة ، فاحيانا يتم فض الاعتصام فور حدوثة ، و احياناً أخرى يتم الفض بعد أن يكون الكثير قد نسي أن هناك إعتصام ، أو أن هناك مطالب يرفعها المعتصمين .
للاسف الشديد أن الثورة إلي الأن لا تملك اعلام يستطيع أن يعبر عن الثوار ، أو أن ينقل الصورة بوضوح ، لا تعولوا كثيراً على إعلامين معين يملكون المهنية والحرفية العالية كأمثال يسري فودة وقنوات إخبارية ووكلات دولية ، فكل هؤلاء لا يصلون إلي المواطن العادي ورجل الشارع ، الشارع يبحث عن توفيق عكاشة والتلفزيون المصري وتامر أمين وخيري شلبى ولميس الحديدى ، الذي يظن من لا يعرف تاريخهم انهم ثوار حقيقيون .
(5)
يظن البعض أن التواجد في الميدان يؤرق المجلس العسكري ، أنا أري أن هذه الفرضية أصبحت غير صحيحة بنسبة 100% ، فقد تكون صحيحة أن كان التواجد في جميع ميادين مصر وليس ميدان التحرير وفقط ، قد تكون صحيحة إذا كان من في التحرير ذاهبون إلي هناك بمحض إرادتهم لا بسبب استفزاز أو بسبب جرهم إلي معارك ليس لهم يد فيها ، فعلينا أن نعرف أن إتخاذ قرار المعركة أو الحرب يبداء بالتفكير كثيراً حول الوقت والمكان والمجلس العسكري بالتأكيد جديراً بتحديد ذلك فهذه لعبتة ، فعلينا أن نتفق أن السلطة السياسية المتواجدة الأن لا تجر بأى حال من الاحوال إلي معارك ولكنها تعرف جيدا متي تخوض معركة ومتى لا - لو كان كلامي غير صحيح وقد يكون فإننا بصدد مصيبة أكبر - ولكن السؤال هنا لماذا يحاول البعض استفزاز وإستدراك الثوار إلي الميدان أطول وقت ممكن ؟؟
الاجابة سهلة ، أولا لتصفية رموز بعينها سواء بالقتل أو بالضرب والسحل أو بالاعتقال أو "بكسر العين " كما حدث مع بعض النساء ، ثانيا لتحقيق مجموعة من المكاسب المعنوية ، وإستخدام بعضها كسلاح ضدد الثوار أنفسهم في الاعلام ، كتصوير أن من في الميدان ليس لهم مطالب جديرة بالوقوف بجانبهم ، ثالثا محاولة المجلس فصل الثوار عن مجموعة من النخب الاجتماعية والسياسية " الرموز " ، عن طريق تسريب وتعظيم ردود الافعال المعادية لهؤلاء ، ومن ثم طردهم من الميدان مما يساعد علي تعاظم الفجوة مع الوقت بين الثوار والرموز ، مما يجعل الميدان في حالة سيولة ، رابعاً والأهم يحتاج المجلس إلي وجود الثوار في الميدان ، حتي يكون لميدان العباسية قيمة ومن ثم يشعر رجل الشارع العادي أن الجميع ليس ضدد المجلس وأن هناك الكثير يريد المجلس ويبارك قراراتة ، كما انة يستفيد من هذه الصورة علي الصعيد الدولي كى يبرر قمعة لمن في التحرير ، وأخيراً حتي يقوم بإلصاق التهم علي من فى التحرير حتي يفقد رجل الشارع شئ فشئ التعاطف مع من في التحرير، والمثال علي ذلك حرق المجمع العلمي - قد يكون ليس للمجلس يد في الحرق ولكنة استخدم الموقف بطريقة سياسية تدعم موقفة - .
هذا ما حدث ، وعلينا أن نتفحصة ونحللة جيدا ، ونعترف بمجموعة من الحقائق ، أولها أننا كمجموعة من الشباب الذي أمن بالثورة وشارك بها تحولنا من فعل يمسك زمام الامور ويعرف أين يتجهة إلي ردود أفعال ننساق إلي معارك في المكان والزمان الذي يحددة المجلس العسكري ، أصبحنا نعول علي الميدان وفقط وتناسينا أن هناك ميادين أخري نستطيع من خلالها أن نحصل علي ما نريد ونصحح مسار الثورة .
أن المجلس العسكري يتعامل مع الثورة بطريقة مخابراتية محترفة ، ونحن نتعامل معها بطريقة عاطفية عشوائية ،اما بعض القوي السياسية فتتعامل معها بمنطق سياسي من الطراز الاول ، تعرف ماذا تريد ؟؟ وتحارب وتخطوا خطوات جادة صوب تحقيق ذلك، فعلينا أن نكف عن سب هؤلاء وهؤلاء ونقوم بمجموعة من الخطوات التي تؤهل لنا تحقيق إنجازات الثورة ، لقد ركزنا علي الميدان فعرف الخصم نمط تفكيرنا وقرر أن يقوم بمجموعة من الخطوات التى تجهض خططتنا نحو التقدم .
المعركة الان ليست كما يظن البعض انها داخل الميدان ، هذه معركة سطحية علينا ان نتجاوزها ونفكر في المعركة الحقيقة ، فالمعركة معركة شرعية من الطراز الاول ، بداءت منذ فترة بين المجلس وبعض الفصائل والقوي السياسية ولكنها كانت في الخفاء ، وقريبا ستكون في العلن، المعركة معركة نفوذ العسكر فيما بعد المرحلة الانتقالية ،معركة علي شكل النظام السياسي ، المعركة تتلخص في بقاء النظام القديم أوالتفاوض علي بقاء جزء منة ، فهل سيظل نظام مبارك موجود حتى بعد الثورة ؟؟أم لا ؟؟ فعلينا أن نبحث عن المعركة الحقيقة ، ونفكر كيف سنتعامل معها ولا نسمح لأحد أن يستخدمنا كدمية داخل مربع الشطرنج يحركها كيفما يشاء ، لا تستطيع قوة مهما كانت أن تقف امام ثورة شعب ، ولكن تستطيع تلك القوي أن نجهض أو تفرغ الثورة من محتوها ، أو تحولها حركة إصلاحية ضيقة الاتساع ، علينا أن نتخذ مجموعة من الخطوات السياسية ولانكتفي بخطواتنا الميدانية ، فالثورة حلم ولد كي يعيش لا كي يموت .
هذا المقال هو محاولة مني للفهم وإستنتاج ما يحدث ، قد يكون جزء منه صحيح وقد يكون خطأ ، لكن في النهاية اجتهد من أجل حلم رأيتة بعينى يولد ، واقاتل من أجل أن يعيش .
مصطفي أبوسليم
27/12/2011