![]() |
جمال مبارك ابن الرئيس المخلوع |
عندما نزلنا يوم الثامن والعشرين من يناير كنت أنظر إلي المتظاهرين وأنا في سعادة لم أشعر بها قط طيلة حياتي ، كنت أشعر وقتها أنني ملكت الدنيا بأسرها واننا طوينا صفحة سوداء من تاريخنا وبدأنا في تسجيل صفحات جديدة من نور ، لكن في نفس الوقت كنت أشعر بالخوف والقلق ، قلق علي الحلم الذي رأيتة في عيون كل من حولي ، خوفاً علي مستقبل تمنيت أن اعيشة ، أتذكر أنني كنت كل خمسة دقائق اسأل صديقي سؤال واحداً لدرجة أنة شعر بالضيق بسبب تكرار سؤالي هل تعتقد أن ما نحن فيه ثورة وليست تظاهرة ؟؟؟ تفتكر الناس دي حترجع ومش حتكمل ؟؟؟ فكل ما كان يهمني وقتها أن أطمئن أننا بدأنا نخطوا أول خطوتنا نحو الحرية .
كنت قلق ومتضرب ، لكن الله وقف معنا ووقف بجانبا حتي خلع من ظننا انه لن يخلع أبدا ، لكني أشعر منذ ما يقرب من شهر بحالة من الضيق والقلق حالة من التخبط والضبابية .
لن أتحدث اليوم عن مذبحة ماسبيرو ولا عن مدي قسوتها ولا عن ما سببته من شروخ وتصدعات تحتاج إلي سنين حتي تلتأم ، لن أزايد علي اننا شعب واحد ولن يفرقنا أحد ، لن أتحدث عن الدماء الذكية التي سالت ولا عن الأرواح النبيلة التي لقت بارئها ، فليس هذا للتقليل من الحدث ، ولكن ما سأتحدث عنه يستعي التفكير لان ما يحدث الأن في المشهد السياسي يجعلنا نخشي أن تسرق الثورة ويضيع جهد ودماء وأرواح هؤلاء هباءاً ، فما يحدث يجعلنا نخشي علي حلمنا الوليد في وطن جديد .
(1)
سأتحدث أولا عن مشهد له دلالات خطيرة وهو عودة الدكتور حسام كامل لرئاسة جامعة القاهرة ، لكن هذه المرة بالانتخاب اكرر بالانتخاب فلنفكر مليئ فيما حدث حتي لا يأتي اليوم الذي ندم فيه علي كل لحظة لقد عاد الرجل رغم عن معرفة الجميع أنه من ازيال نظام سقط بسبب إستعباد شعب طيلة ثلاثين عام جعلهم يذقوا مرارة الجهل والفقر والمرض .
نجح الرجل رغم عن انه كان من اعضاء الحزب الوطني المنحل اكرر الحزب الوطني الذي لم يعد حزباً واحداً بل أصبح ثماني احزاب ستنافس في الإنتخابات القادمة لقد تقدم الرجل بالإستقالة لانه كان مهدد بالإقالة بسبب الشرعية الثورية و الأن تربع علي العرش بنفس الشرعية الثورية لقد جاء بالإنتخابات وهنا لابد أن انوهة انها انتخابات داخل جامعة ومن انتخبه هم مجموعة من الاساتذة الجامعين الذين في غالب الأمر يتسمون بقدر عالي من الثقافة والفكر فجميعيهم حاصلون علي درجات علمية عالية ورغم عن هذا فاز الرجل فعلينا أن نتتبه يا سادة فالإنتخابات البرلمانية قادمة والناخبين أغلبهم أمين فقراء يحتاجون إلي المال لا يستخدمون تويتر ولا فيس بوك
(2)
فتح باب الترشيح في ظل غياب قانون الغدر الذي لا يمنع أعضاء الحزب الوطني المنحل من خوض الإنتخابات البرلمانية أو الرئاسية القادمة ، كنت أتوهم أن أعضاء هذا الحزب يشعرون بالعار وانهم يخجلون مما فعلوا بهذا الوطن ، كنت أتوهم أنهم سيخجلون ويقررون أن يعزلوا أنفسهم عن الحياة السياسية قبل أن نعزلهم نحن ، فعند فتح باب الترشيح ومن اليوم الأول تقدم العشرات بل المئات من أعضاء الحزب الوطني بأورقهم لخوض الإنتخابات البرلمانية والمفارقة أن مع هذا التنظيم والترتيب من قبل هؤلاء الفلول نجد أن الكتلة المصرية في طريقا للتفتت ومن أسباب التفتت أن بعض الاحزاب اختارت مجموعة من الفلول حتي تضمها إلي قوائمها اكرر أن احزاب الثورة بدأت تضع مجموعة من الفلول بقوائمها ولهذا من غير المستبعد أن تجد أن السيد علاء مبارك سيتقد بأوراق ترشيحة لخوض الإنتخابات البرلمانية القادمة فالرجل محبوس إحتياطياُ ولم تصدر ضدده أي أحكام تقيد ترشحه أو أن نجد السيد المحترم حسني مبارك يتنافس مع السيد المبجل جمال مبارك علي كرسي الرئاسة لقد أثبتت التجربة أن اصحاب الوشوش الكالحة لا يخجلون ولا يشعرون بالندم
فللاسف الشديد لم يحكم الثوار حتي الأن وابتلنا الله بحكومة لا تنتمي للثورة بشئ ، حكومة لم تفكر في وضع مجموعة ضمانات تجعل هذه الثورة العظيمة تسير في مسارها الصحيح ولم تقم ببعض الإجراءت التي تضمن التحول الديمقراطي بسلاسة وساعدها على هذا مجلس عسكري غير ثوري بالمرة ، أن إمتداد الفترة الإنتقالية إلي هذه المدة دون البت في مجموعة من القضايا المصيرية جعلنا امام واقع مؤلم ومؤسف ، فلقد نجحت الفلول في تنظيم صفوفها وأصبحت تقدم مبادرات للم الشمل وهنا أصبحت الثورة والثورة المضادة في مرتبة واحدة ، رتب الفلول أوضاعهم والأن اصبحوا مستعدين لخوض الانتخابات والفوز بها ولا أحد يتحدث عن أن الصندوق هو المعيار وهو الحكم ، أنا أحترم إرادة الشعب ولكن في ظل قوانين تكفل إبعاد هؤلاء المنبطحين عن الحياة السياسية ، فمازال المصريين يعانون من الفقر والمرض والجهل ومازال المنبطحين يملكون المال والمنصب والعلاقات الوثيقة بالاجهزة القمعية .
(3)
عدم البت في إلغاء حالة الطوارئ ، أناأعرف أن من العبث القانوني أن اتحدث عن هذه النقطة لان حالة الطوارئ انتهت في 30 ديسمبر ولكن الأزمة أن مؤسسات الدولة بأثرها تتعامل علي انها مازالت سارية ولقد جاءت مذبحة مسبيروا لتكون عصا موسي التي التهمت كل شئ وأصبح الجميع لا يفكر في تلك النقطة التي كانت من أهم عوامل إندلاع الثورة المصرية ، وعلي الصعيد نفسة تجد خبر نشر بالامس علي موقع اليوم السابع يتحدث عن أن جهاز الامن الوطني يحذر رؤساء جامعة القاهرة من أن هناك مجموعة من الطلاب يبشرون بالمسيحية ، ليست خطورة الخبر في من يبشر بالمسيحية ولكن الخطورة في أن ما يحذر منه جهاز الأمن الوطني من المفترض انه خارج اختصاصاتة ولابد أن يعلم الجميع أن المرسوم الذي صدر بإنشاء الأمن الوطني كان يتحدث عن مهام بعينها وأن الجهاز سيعمل في ثلاث محافظات ، وللاسف الشديد أن جهاز أمن الدولة بدأ يعمل بكامل طاقتة في محافظات لم يتحدث المرسوم عنها لقد قلت أمن الدولة هذا ليس خطأ لان الأمر لم يختلف كثيراً .
علينا جميع أن نعرف أن الثورة في وضع خطير يستدعي أن نتكاتف جميعاً ولا نعول علي أحزاب لن تلبي أي متطلبات ثورية ، إنني اخشي أن نستيقظ يوماً ونجد أن النظام القديم مازال يحكم ويتحكم وقتها لن يفيد الندم ، اننا استطعنا أن ننتصر علي المخلوع لاننا كنا يد واحدة أما الأن فكل فئة تبحث عن مصالحها وللاسف الشديد حتي مصالحها لن تتحق اذا لم يتكاتف الجميع .
أن أمن الدولة يعود مرة أخري ليلعب دورة في قمعنا ، الرقابة على الإعلام أصبحت اشد من عصر مبارك فاصبحت الصحف لا تصدر إلا بعد العرض على الرقيب ، أصبحت القنوات تداهم ، مازال التلفزيون المصري بوق لم بيده السلطة يحركه كيفما يشاء، الفلوم عائدون إلي مواقعهم تحت قبة البرلمان ، الأحزاب أصبحت لا تفكر سوي في عدد المقاعد التي ستحصل عليها ، اما الجهل والمرض والفقر فهو من نصيبنا نحن ، فلقد نجحت حكومة شرف في جعل الكثيرين من البسطاء يكفرون بهذه الثورة ونجح المجلس العسكري في تفرقة الجماهير حتي لا يحقق مطالب الثورة ونحن من سهل للجميع ما يريد ، افيقوا يا سادة قبل أن يضيع الحلم الذي أستشهد من أجلة أكثر من ألف شهيد وفقد أكثر من الف مواطن وضحي أكثر من خمسة ألاف مواطن بنور عيونهم فمن أجل ماذا أستشهد وأصيب وفقد هؤلاء ، لقد أستشهدوا وأصيبوا من أجل أن نري نحن المستقبل ، أفيقوا قبل أن يعود جمال مبارك مفجر الاصلاح رافعاً شعار من أجلك أنت ، فلو كنت متأثر بفقد عزيز في تلك الثورة ، لو كنت أصبت بها ، فحارب من أجل أن تستمر الثورة فمن الممكن أن نتحمل مرارة وقسوة الفراق من أجل بناء وطن جديد يكتب فيه أسماء من فقدناهم من نور بدلا من أن نشعر طول حياتنا بالمرارة وتأنيب الضمير علي ضياع ارواحهم هباءاً منثوراً .
مصطفي أبوسليم
14/10/2010نشر بالشروق بتاريخ 15/10/2010
http://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=15102011&id=ed734373-3ab3-4533-9893-d29df7f4c796
0 التعليقات:
إرسال تعليق