مصطفى أبوسليم
لم تعد للدم حرمة تحترم ولم يعد للروح حرمة تصان ، لم يحاول أحد وأد الفتة قبل إندلاعها ولم يحاول أحد أن يوقف جريان الدم الذى سال ، البعض سفق لما حدث والبعض الأخر وقف ليلوم نفسه على غبائة ،وكيف انه بصمتة وتخاذلة وعدم حزمة من البداية سمح لهؤلاء أن يحققوا أهدافهم ؟؟ بل زاد الطين بله انه هو أيضا من حقق لهم بعض الاهداف بنفسه .
فللاسف الشديد يجلس من يظنون انهم نخب خلف الشاشات ويقف المصريين أمام بعضهم لبعض بالمرصاد ، أصبحنا نقتل بعضن دون غضاضة ، دون هوادة ، الجميع متعصب لوجهة نظره معتبرها الصواب مفترضا خطأ الطرف الاخر ،لا أحد يريد أن يستمع لأحد ولا أحد يريد ان يناقش أحد ،الكثيرين تستهويهم الدماء ولونها ،فهى وسيلة يسعون من خلالها لزيادة أرصدتهم فى البنوك أو نفوذهم داخل أروقة السياسة الفاسدة .
الجميع مخطأ والجميع مذب، وللاسف في كل مرة نخسر الكثير من الأرواح الطاهرة التى تلاقى بارئها لا لأى شئ سوي عشق الوطن،
رغم إختلافى مع من يعارض ومن يؤيد إلا اننى اشعر بحزن دفين ينتابنى على مصر الثورة والأمل ،مصر الجديدة التى كنت اتمنى أن أرى لها طيف جديد ، مصر التى هتفت من أجلها فى بداية الثورة وبكيت فى حضنها على أمل أن تعود من جديد .
كنت مؤيد لقرار الرئيس الاخير ،كنت أرى وضع الفقراء والمهمشين وهم راغبون فى الحياة الجديدة التى وعدوا بها ،مؤيد القرار لانه يقيل رجل مفسد قبل ان يكون فاسداً - النائب العام- ،رجل طالب الكثيرين برحيله منذ غرق العبارة السلام ،مؤيد لانى كنت أرى ان القضاء كان يستخدم من أجل طعن الثورة من الخلف ، كنت مؤيد لاننى كنت اعلم اننا لا نملك رفاهية الاستمرار لوضع دستور يليق بعراقة الدولة المصرية فى تلك الظروف الكالحة واننا سنملك الخيار بعد ذلك فى تعديل الدستور او تغيره، كنت مؤيد لتحصين مجلس الشورى لانه سلطة منتخبة -اتفقنا او اختلافنا على من بداخل المجلس لا انة مجلس منتخب -ويكفى مجلس الشعب الذى طعنتة السلطة القضائية ،كنت ارى اننا نحتاج لبعض القرارات الاستثنائية فى هذا الظرف الاستثنائى .
ولكن فى النهاية تيقنت ان المشكلة ليست مشكلة اعلان دستورى وليست مشكلة تصويت على دستور، المشكلة مشكلة ترتيب لأولويات المستقبل ، جلست مع نفسى افكر فى ما خطب الرئيس وما قال أسال نفسى هل تحدث الرئيس عن المستقبل ؟؟ لم يخرج الرئيس ليعلانها صراحة للجميع اننا نريد ان نتحاور بصدق ،نريد ان نجلس لنحدد خارطة طريق المستقبل ،لم يقل ايها الشعب العريض نحتاج ان نجتهد من أجل كذا وكذا... ، تهاون مع من سبه مكتفياً بالصمت ، أخطا حين سمح للبعض ان يتحدث بالسانه وكأنة ليس رئيس للجميع ، عندما أعلن عن الاعلان الدستورى دون أن يناقش حتى مستشارية ليعاونه على الاقل فى مواجهة الرأى العام ، عندما تمهل دون محاسبة من قتل الثوار ومن أفسد مصر طيلة عقود ،عندما تهاون مع الفاسدين ولم يقم بحركة جذرية لتطهير جميع مؤسسات الدولة من ما فيها من فساد،وجأت الكارثة عندما خرج المؤيدين له ليعلنون الحرب على المعارضين .
![]() |
مصر تبكى ابنائها |
سيدى الرئيس المشكلة ليست مشكلة إعلان دستورى ،المشكلة أصبحت أزمة ثقة بين رئيس وشعب ،أننى اتعجب عندما استمعت الى ثنائك على المحكمة الدستورية فور حلف يمين التنصيب وبين ما تقوله من تهم !!! اتجعب من مدحك للمجلس العسكري وقرار إحالة المشير للتقاعد!!! اندهش من احترامك للقضاء وموقفك من تحصين قراراتك !!! لماذا يا سيادة الرئيس توجهة الشكر و النقد فى آن واحد؟؟؟ لماذا تشكر وتمدح الفاسد ؟؟ رغم انك تعلم ان من تمدحة ستخرج بعض قليل لتتحدث عن حقيقته !!!
سيادة الرئيس أين عيش الفقراء؟؟ انى أرى واسمع كل يوم الفقراء وهم يكفرون بالثورة ويسبون من قام بها ، متى سيشعر الفقراء ان الثورة قامت من أجلهم ؟؟ اين الحرية ؟؟ وقد قام بعض الشعب بإغتيال البعض لانهم مختلفون معهم فى الرأى ووقفت الدولة تتفرج ، اين الكرامة الانسانية ؟؟اين العدالة الاجتماعية ،، فمازال الفقراء يذدادون فقراً والاغنياء يزدادون غناً ،سيدى الرئيس أصبحنا نقتل بعضنا البعض فمتى ستتدخل لتوقف سريان الدم .
المشكلة مشكلة فساد لم يقتل من البداية ، مشكلة مواقف حازمة لم تتخذ من البداية ، مشكلة أزمة ثقة بدأت ملامحها تتشكل .